تهدد الجائحة والكارثة الاقتصادية التي تسببت فيها بضرب مكاسب عقود من النضالات في سبيل تحرر النساء. لا يمكن للرأسمالية في عصر الأزمات أن تقدم سوى تخريب الإصلاحات. لذا فمن أجل القضاء على الاضطهاد، نحن بحاجة إلى الاشتراكية “.
[Source]
يصادف هذا العام الذكرى السنوية الخمسين لإصدار قانون المساواة في الأجور، الذي ينص على منع التمييز بين الرجال والنساء فيما يتعلق بشروط وظروف العمل. لكن أزمة كوفيد 19 في طريقها لضرب القسم الأكبر من المكاسب التي حققتها النساء على مدى السنوات الخمسين الماضية على كل المستويات.
تعرضت خمسة عقود من المكاسب إلى التخريب في غضون أشهر. وهذا ليس بسبب التراجع عن القوانين نفسها، بل لأن الرأسمالية في الأزمات تعمل على استرداد التنازلات. وإذا كان من الممكن محو 50 عاما من التقدم في غضون شهرين، فإن هذا يوضح فقط مدى هشاشة تلك الحقوق في ظل الرأسمالية.
إجبار النساء على العودة إلى المنزل
تعرضت ملايين نساء الطبقة العاملة للطرد وأجبرن على العودة إلى العمل المنزلي، مع ما يصاحب ذلك من زيادة في العنف المنزلي. خلال الأسبوع الثاني من الإغلاق، قفز عدد المكالمات على الخط الوطني لمساعدة ضحايا العنف المنزلي بنسبة 25% أعلى من المتوسط، وبحلول الأسبوع الثالث صار أعلى بنسبة 49% من المعتاد.
وفي غضون ذلك تعتبر الأمهات أكثر عرضة لفقدان وظائفهن بشكل دائم أو للاستقالة، بنسبة 47% مقارنة مع العمال الآخرين، و14% أكثر عرضة للفصل المؤقت. لن تكون هذه التراجعات مؤقتة، إذا أخذنا في الاعتبار أن القطاعات التي يُتوقع أن تتعرض لأشد ضرر في عالم ما بعد كوفيد 19 هي الخدمات وتجارة التقسيط، وكلاهما يعتمدان أكثر على العمالة النسائية.
كما أن المكاسب التي حققتها النساء في مجال الصحة الإنجابية تتعرض للهجوم بدورها. أدى انهيار أنظمة الرعاية الصحية في كل مكان إلى منع الاستفادة من العديد من الخدمات التي يحق للمرأة قانونًا الحصول عليها. ونتيجة للضغط على أنظمة الرعاية الصحية تعرضت عمليات الإجهاض، في بعض البلدان، للتقييد أو حتى الإلغاء الكامل. ففي جميع أنحاء إيطاليا، على سبيل المثال، تم تحويل العديد من المستشفيات إلى “مستشفيات كوفيد 19″، مع إلغاء العمليات الجراحية الأخرى، بما في ذلك خدمات الإجهاض، بالكامل.
وبالنظر إلى أن هناك أصلا العديد من الأطباء الذين يعارضون بشدة تمكين النساء من هذه الخدمات، فإن الأزمة جعلت من الصعب بشكل متزايد على آلاف النساء الإيطاليات الوصول إلى هذا الحق الأساسي. وقد أصدرت الجماعات اليمينية المعارضة للإجهاض عريضة على الإنترنت للمطالبة بمنع حق الإجهاض في جميع أنحاء البلاد، معلنين أنه: “أثناء الجائحة، الإجهاض ليس خدمة أساسية”.
وفي الولايات المتحدة، اعتبرت ثماني ولايات يقودها الجمهوريون أن عمليات الإجهاض ليست أساسية. مع العلم أن ولاية تكساس تشهد عادة 50.000 حالة إجهاض سنويا. ولم يتم التخفيف من هذه الإجراءات إلا ابتداء من شهر ماي، لكن ذلك جاء متأخرا جدا بالنسبة للعديد من النساء.
الأزمة والتراجعات
في جميع هذه الحالات، من الواضح أن المكاسب التي حققتها النساء على مدى السنوات الخمسين الماضية أصبحت مهددة نتيجة للأزمة، ولكون نساء الطبقة العاملة هن من يدفعن الثمن.
لقد كانت أزمة كورونا حادثا، لم يكن بوسع الحكومات توقعه. لكن هذه الأوضاع سببها القوانين التي تحكم الرأسمالية؛ عقود التقشف وضرب متعمد للخدمات الطبية والسكن الاجتماعي وخدمة رعاية الأطفال، كلها نتاج لنظام قائم على الربح، والذي تسبب في رمي عبء هذه الكارثة الطبيعية بشكل مؤلم للغاية على كاهل نساء الطبقة العاملة.
كان على نساء الطبقة العاملة أن يكافحن من أجل كسب حقوقهن وبناء حياتهن المهنية. لكن هذه الأزمة تسلط الضوء على حقيقة أنه على الرغم من “التقدم” الذي تم إحرازه، فإنه لم يتغير أي شيء جوهري في الطبيعة القمعية والاستغلالية لهذا النظام. إنه ببساطة غير قادر على تأمين أي تقدم دائم للطبقة العاملة. وللخروج من الأزمة التي يمر بها النظام، سيعمل الرأسماليون على ضرب كل الإصلاحات السابقة.
الاشتراكية والتحرر
في ظل الرأسمالية لن تحقق النساء أبدا المساواة الحقيقية. ومن أجل تحقيق أي تقدم دائم، نحن بحاجة إلى اقتصاد مخطط ديمقراطيا يمكنه أن يرسي الأساس المادي لإنهاء عدم المساواة والقمع. اقتصاد لخدمة مصلحة الأغلبية، وليس أرباح الأقلية.
في ظل الاقتصاد المخطط سيتم تخصيص الموارد اللازمة لخدمات الرعاية، وسيوجه البحث والتمويل لأجل القضاء على أعباء العمل المنزلي. وسيتم توفير خدمات الرعاية الصحية، مثل الإجهاض، في كل مكان.
وبدلا من دفع قطاع الرعاية الصحية، باسم الربح، إلى نقطة الانهيار، والذي عندما ينهار تكون نساء الطبقة العاملة أكثر من يعاني، سوف يتم ضخ ما يكفي من الاستثمارات في جميع أنظمة الرعاية بحيث لا يمكن لأي كارثة أن تهدد الحق في الوصول إلى الخدمات الأساسية.
ستكون النساء مستقلات اقتصاديا عن الرجال. وفي حالة العنف المنزلي، سيتم تزويد النساء بالسكن في مكان آخر وتمكينهن من الدعم الكافي. وعندما سيتم القضاء على الأساس المادي لعدم المساواة والقمع ستبدأ أسس الشوفينية والتحيز الجنسي وجميع أشكال التعصب في التلاشي، لتختفي في النهاية.
إن النضال من أجل حقوق النساء -النضال من أجل المساواة- هو نضال من أجل تحرر البشرية جمعاء: نضال من أجل الثورة الاشتراكية!
تهدد الجائحة، والكارثة الاقتصادية التي تسببت فيها، بضرب مكاسب عقود من النضالات في سبيل تحرر النساء. لا يمكن للرأسمالية في عصر الأزمات أن تقدم سوى تخريب الإصلاحات. لذا فمن أجل القضاء على الاضطهاد، نحن بحاجة إلى الاشتراكية “.