في 3 مايو/آيار، خرج ألبرتو كاراسكويا، رافع لواء الإصلاح الضريبي الجديد، من الباب الخلفي، مستقيلاً مع نائبي الوزراء خوان ألبرتو لوندونيو (المالية) وخوان بابلو زاراتي (الخزانة). إن الضغوط الناجمة عن الإضراب الوطني ـ الذي استمر حتى الآن لمدة ستة أيام ـ والإفلاس الكامل لحكومة دوكي -أوريبي، من الأسباب التي وضعت هؤلاء المسؤولين على المحك. لقد أحرقوا أنفسهم نتيجة استهانتهم بقوة الجماهير.
[Source]
لا ينبغي الاستخفاف برحيل ممثل النخبة الكولومبية. هذه ضربة قاسية للتطلعات الاقتصادية للبرجوازية الوطنية. في 6 أبريل 2020، تم ترشيح كاراسكويا لرئاسة بنك متعدد المجالات، بنك التنمية لأمريكا اللاتينية (CAF)، والآن أصبح الوضع معقداً بسبب غيابه. بعد تعرضه للإذلال على المستوى الدولي، من المحتمل أن يتم إبعاده بسبب تعامله غير الكفء مع الأحداث.
حققت الجماهير انتصارين مهمين، في أقل من 24 ساعة، مما أظهر قوتها. تستمر الحركة في النمو، مع انضمام المزيد والمزيد للنضال. لقد وصلت الحركة إلى المدن والبلدات الكبيرة، مع إنضمام نقابة النقل وسائقي سيارات الأجرة والمنظمات الأخرى التي لها تاريخ طويل في الصراع الطبقي مثل المجلس الإقليمي للسكان الأصليين في كاوكا (CRIC ). تستمر هذه الحركة في النمو أكثر، مع الشعبية المذهلة لشعاراتها.
ومع ذلك، إذا كانت جرت العادة أن لا أحد يتحمل اللوم والمسؤولية في الهزيمة، فإنه جرت العادة أيضاً أن الجميع يقبل المجد في النصر. وبهذه الطريقة ظهرت بيروقراطية مجالس العمال ولجنة العاطلين وانتهازيين آخرين من اليسار والوسط. إنهم يحتفلون بالنصر على أنه انتصارهم من أجل استعادة موقعهم في قيادة الجماهير. “انتصارهم” لا يتوافق مع واقع الأحداث. إن الجماهير في الشوارع هي التي انتصرت وحدها وبدونهم، وتوصلت إلى استنتاجاتها من المواجهات الوحشية مع النظام. لقد أدركت الجماهير من خلال النضال قوتها وقدرتها على المقاومة، وبالتالي رفعت سقف مطالبها.
يمكن رؤية جرأة هذه المطالب بوضوح في مداها. من المطالبة بإلغاء مشروع قانون الإصلاح الصحي لعام 2010، إلى المطالبة بسجن كاراسكويا، وحل قوات مكافحة الشغب (ESMAD)، وإصلاح الشرطة، ثم المطالبة باستقالة المحامي العام كارلوس كامارغو (الذي يجب التنزه في حين يُمَارس القمع الوحشي على الجماهير)، واستقالة وزير الدفاع دييغو مولانو، وأخيراً المطالبة باستقالة إيفان دوكي رئيس الجمهورية.
تتناقض هذه المطالب بشكل حاد مع مقترحات اللجنة الوطنية للبطالة، التي رحلت فكرتها لاستئناف التظاهرات من 19 مارس إلى 5 مايو، داعية إلى نزع السلاح من المدن، وسحب مشروع قانون الإصلاح الصحي، والدعوة إلى أجور لائقة، وغيرها من المطالب المماثلة. كل تلك المطالب ضرورية، لكناه بعيدة عن ما تم تحقيقه بالفعل في الشوارع عن طريق المواجهة المباشرة. إن القول بأن القيادة هنا متخلفة كثيراً عن الحركة هو تعبير ملطف.
إن طلب استقالة دوكي منطقي لأن الإدارة الحالية تجد نفسها تسير على حبل مشدود. علاوة على ذلك، أدت القرارات الأخيرة إلى فشل محاولاتهم لوقف الإضراب. في الواقع، لقد أتت بنتيجة عكسية. يبدو أن الأداة الوحيدة التي تمتلكها النخبة الكولومبية هي أجهزتها القمعية، وهي أداة تم استخدامها إلى نهايتها. إن التهديدات بوقف التطعيم أو تقليص الاستثمار الأجنبي والجوع والعنف، هي تهديدات فارغة. هذه هي الحياة اليومية للمواطن الكولومبي العادي.
ومما لا شك فيه أن عجز الطبقة الحاكمة أدى إلى مجزرة، نتيجة للقمع الوحشي. على سبيل المثال، عندما قررت الجماهير في 2 مايو/آيار مواصلة الإضراب، ردت الطبقة الحاكمة بليلة من الرعب. كانت مدن مثل بالميرا، إيباغيه، كالي، بوبايان، فاكاتيفا، بوغوتا وميديلين ضحايا لأعمال انتقامية من قوات مكافحة الشغب (ESMAD). قامت تلك القوات باختطاف المتظاهرين وضربهم، واقتحموا المنازل بالقوة، واغتصبوا وقتلوا بدم بارد.
ووفقاً لمنظمة تمبلوريس أونج، قُتل 5 أشخاص بحلول نهاية 2 مايو/آيار، والآن أصبح العدد الإجمالي 26 قتيل، بالإضافة إلى حصيلة القمع في الأيام السابقة. علاوة على ذلك، أفادت المنظمة أنه منذ 28 أبريل كان هناك 1181 حالة عنف من قبل الشرطة، و 142 ضحية للعنف الجسدي و 9 ضحايا للعنف الجنسي. إنه رعب بلا نهاية، ويبدو أنه في تزايد. يظهرون في أكثر الأماكن عدوانية ويمنعون الناس من التعبئة لتقديم المساعدات. في مدينة كالي، تولى الجنرال إنريكي زاباتيرو القيادة وأطلق العنان لمذبحة ضد المدنيين.
غير أن هذا هو السلاح الوحيد الموجود في ترسانتهم، وهو وسيلة ناضبة ولها حدودها. لقد أحدثت هذه الأيام الستة ثغرات في صفوف القوات العامة، يوم بعد يوم تصاب بإصابات متعددة. إن اللجوء إلى الجيش كان ضرورة بالنسبة للنظام لتعويض قوته. ومع ذلك، فإن الجنود متقلبون في ضوء أصولهم المتواضعة وافتقارهم إلى الاحتراف، والعديد منهم عرضة للتآخي مع الشعب. في الواقع، كانت هناك بالفعل دعوات من العسكريين المتقاعدين وأفراد الاحتياط للجيش للوقوف إلى جانب المتظاهرين. لكن، حتى مع ذلك، من المهم التأكيد على أن الجيش لا يزال هو الذراع القمعي للدولة ويخدم أسيادها بطاعة دائماً.
بدأت الطبقة العاملة تشعر بثقة كبيرة في قوتها، واستخدمت هذه القوة بالفعل لمواجهة أسوأ الفظائع التى يمكن تخيلها. لا شك أن هذا هو الطريق الصحيح، ويجب اتباعه حتى النهاية. والاستنتاج الطبيعي لابد أن يكون كالتالي: سقوط دوكي وحكومته، بسبب عدم كفاءتهم واستخفافهم بالجماهير.
إن أي قانون يهدد الطبقة العاملة، في الحاضر أو المستقبل، يجب أن يكون سبباً لتمرد وتعبئة الجماهير. ومع ذلك، إذا أصبحت الحركة ضعيفة في أي وقت، فإنها تخاطر بفقدان ما فازت به بالفعل، على الرغم من إمكانية تحقيق الانتصارات في بعض الأوقات. لهذا، من الضروري تشكيل منظمة ثورية. منظمة تدرك مصالح الجماهير، ويمكنها تحويل ذلك إلى برنامج سياسي قادر على الاستجابة، على سبيل المثال، للفراغ المحتمل في الحكومة. هذا البرنامج يجب أن يقوم على الأفكار الماركسية، من أجل قيادة الجماهير نحو الاشتراكية.
إذا كانت الأيام القليلة الماضية عملت على توضيح شئ، فهو أن الديمقراطية البرجوازية في خدمة الطبقة السائدة. القوانين التي تغيرها ليس لها قيمة تذكر إذا كانت تخضع لنفس تلك الطبقة. طالما أن المفاتيح الأساسية للاقتصاد في أيدي النخب الرأسمالية، فإن أي وجميع الإصلاحات والقواعد ستكون في خدمة مصالحها.
أمامنا تحدٍ كبير، لكنه تحدي يمكن لحركتنا وخبراتنا مواجهته بالنضال. لا يمكن إنكار أنه تم إحراز تقدم، وبالتأكيد يمكن عمل المزيد. مع ذلك، إذا لم يكن هناك نقاش منظم حول أفكار الحركة وأهدافها، فهناك إحتمالية كبيرة أن تفقد الحركة قوتها و زخمها، نظراً للحدود الطبيعية لتلك التحركات. وهذا من شأنه أن يمثل هزيمة كبيرة ستؤدي بالتأكيد إلى مضاعفة القمع.
إن صحوة الشعب أمر استثنائي. فقد حققت تلك الصحوة في غضون أسبوع تقدماً أكثر مما حُقق في سنوات. الصحوة الثورية رائعة عن حق، ولكن طاقتها يمكن أن تتبذر في لحظة. خصوصاً إذا كانت تعاني من خلط في الاستراتيجية، وتعاني من انتكاسات باستمرار.منظمتنا تشيد بتمرد الطبقة العاملة الكولومبية وتصميمها في هذا الكفاح. ولكننا نصرّ على ضرورة تشكيل لجان دفاع في الأحياء ومناقشة استراتيجيات بشأن كيفية الدفاع عن النفس ضد انتهاكات الشرطة، فضلاً عن مناقشة المشاكل العملية للأحياء والمدن والبلد بأسرها، وتشكيل مجالس إقليمية على نفس الأسس. على هذا الأساس، يمكن مناقشة حلول عملية وسريعة في حالة وجود فراغ محتمل للسلطة. ويجب على هذه المجالس أن تحدد برنامجاً سياسياً، يقوم على أساس خطة وبرنامج اشتراكيين، يوفر هدفاً أكبر من مجرد الدفاع عن الحركة: وهو تحدي النخبة الكولومبية من أجل السلطة.
لقد مهد الشباب والعمال والفلاحين طريق التغيير. إنه طريق صعب سيتطلب تضحيات كثيرة وسيتم إرتكاب أخطاء كثيرة. ومع ذلك، فإن كل مهمة تاريخية تتطلب خطوة أولى. وهي دائماً الخطوة الأصعب. لكن عندما تبدأ الأحداث، فإنها ستتكشف بمنطقها الخاص. إن مهام الماركسيين في هذه الفترة هي وضع نظرية ودراسة للتاريخ والمجتمع في خدمة الطبقة العاملة وحركتها، لإسقاط هذه الحكومة والطبقة التي تمثلها. وإنه لأمر جيد أننا بدأنا بالفعل في هذا.
إننا نقدم برنامجنا و اقتراحاتنا للنقاش والنقد. لهذا السبب ندعو الجميع لمناقشتها مع الجيران والأصدقاء.
لا لإنهاء الإضراب!
يسقط دوكي والطبقة التي يمثلها!
من أجل حزب موحد للطبقة العاملة!
إلى عمال وشباب كولومبيا:
أعلن إيفان دوكي ورئيسه ألفارو أوريبي “الجزار” الحرب على العمال والشباب في تواطؤ إجرامي حقيقي مع الطبقة الرأسمالية. إن الجبن والجنون الذي يتصرفون به دليل على جبروت لا يريد قبول الهزيمة، وهو يهدد بكل ترسانته في نفس الوقت. لكن هذه الترسانة محدودة، وعلى الرغم من كونها جوفاء، فإننا نبالغ في تقدير قوتها ومعنويات أعضائها. لقد تلقوا تدريباً على الضجيج والقسوة، ونحن تلقينا تدريب على العمل. من الضروري الاستمرار في الهجوم، خصوصاً عندما يعتقد النظام أن سفك دماء الشرفاء هو الشيء الوحيد الذي يجعله شجعاً.
يجب أن يستمر الإضراب الوطني. كل شخص سقط في القتال ودعنا وترك لنا هذا الأمل. الإطاحة بالحكومة هي أفضل تكريم يمكن أن نقدمه لهم وأفضل إرث يمكن أن نقدمه للأجيال الجديدة.
أظهرت لنا تجربة عام 2019 أن المجالس واللجان التي يمكننا تنظيمها في أحيائنا أكثر فاعلية، وبضع اجتماعات في تلك اللجان أكثر فائدة من قرن من جلسات الكونغرس. نحتاج إلى العودة إلى تلك الأطر، والالتقاء للنقاش وتقييم الوضع، واقتراح الحلول ومناقشتها بين المجموعات المختلفة. بهذه الطريقة، سنتمكن من بناء برنامج قوي وانتخاب القيادات. لهذا نحن نطرح برنامجنا أمام الحركة للنظر فيه.
يجب أن تعقد المبادرات العمالية المختلفة اجتماعاً شعبياً طارئاً، يتألف من مندوبين منتخبين في مجالس الأحياء، لإعطاء النضال طابعاً منظماً وديمقراطياً. في هذا الاجتماع يجب تحديد الأهداف العاجلة وكيفية تحقيقها: تفكيك قوات مكافحة الشغب (ESMAD)، محاكمة ومعاقبة المسؤولين عن القمع، تنظيم لجان للدفاع عن التظاهرات، إسقاط قانون 010 الذي سيستعبد العاملين في مجال الصحة، والامتناع عن سداد الديون الخارجية.
إن شرف الجنود الكولومبيين، أبناء العمال والفلاحين، لا يمكن أن يستمر تلويثه بطاعة مجرمين مثل إدواردو زاباتيرو وألفارو أوريبي “الجزار”. ندعوكم للانضمام إلى النضال ضد الحكومة، إلى جانب شعبكم، إلى جانب من يعرف ويهتم بما تعيشوه من عوز ومشقة.
لا يجب علينا نحن، العمال، دفع ثمن هذه الأزمة. الأثرياء هم من يجب أن يدفعوا ثمنها، أولئك الذين يحولون عرقنا ودمنا إلى حفلات خاصة فاخرة، هم الذين يجب عليهم دفع ثمن كل هذا. على أنقاض انحطاطهم، سنكون قادرين، نحن العمال، على بناء فردوس على الأرض، على هذه القطعة الخصبة والمتنوعة من العالم.
لا لإنهاء الإضراب!
يجب إنشاء مجالس ولجان لتعزيز النضال!
من أجل اجتماع وطني طارئ لانتخاب قيادة!
يسقط دوكِي!
لنبن سلطة عمالية!