في نهاية شهر مارس، التقى المئات من أعضاء منظمة “النداء الاشتراكي“، الفرع البريطاني للتيار الماركسي الأممي، في المؤتمر الوطني لهذا العام – ليس فقط للاحتفال بالذكرى الثلاثين لإصدار العدد الأول من جريدة “النداء الاشتراكي”، ولكن للتحضير للأحداث الثورية المنتظرة في بريطانيا وخارجها.
[Source]
في نهاية الأسبوع الماضي، في 18-20 مارس/آذار، تجمع المئات من نشطاء “النداء الاشتراكي” من جميع أنحاء البلاد في لندن لحضور مؤتمر وطني تاريخي.
لم يكن هذا فقط أول مؤتمر حضوري للتيار الماركسي في بريطانيا منذ عام 2020، بل كان يتزامن أيضاً مع الذكرى الثلاثين لتأسيس جريدة “النداء الاشتراكي” ونشرها لأول مرة في عام 1992.
لوحظ في مؤتمر هذا العام تكوينه الشبابي وحماسه، والمستوى العالي المذهل من النقاشات السياسية، القائمة على منظور الثورة في بريطانيا وعلى الصعيد الأممي.
ومع ذلك، لم تكن هذه النقاشات من باب الاهتمام الأكاديمي، ولكن لتشكيل استراتيجيتنا وتكتيكاتنا، من أجل بناء القوى الماركسية للأحداث الضخمة الوشيكة.
المنظورات العالمية
بدأ الحدث مساء الجمعة بالرفيق فريد ويستون، القيادي البارز في التيار الماركسي الأممي (IMT)، الذي قدم العرض حول المنظورات العالمية.
الحاجة إلى تحليل ماركسي رصين للأزمة العالمية للرأسمالية في فترة الحرب وعدم الاستقرار والتضخم أكثر وضوحاً من أي وقت آخر. تماماً كما شوهد في أعقاب اندلاع الحرب العالمية الأولى، فإن العديد من اليساريين قد اصطفوا خلف أحدى القوى الإمبريالية فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، و اندمجوا بسهولة بطبقتهم السائدة الرجعية.
على النقيض من ذلك، قام الرفيق فريد وآخرون بدحض الأكاذيب والنفاق المحيطين بالحرب، مسلحين الرفاق بموقف جريء وأممي ومبني على أساس طبقي، على أساس الشعار: “العدو الرئيسي في الداخل!”.
ثم بعد هذه المناقشة تم عرض تقرير عن نشاط فروع أخرى من التيار الماركسي الأممي حول العالم. وشمل هذا تقريراً متميزاً من رفاقنا الروس الذين، وهم في خطر كبير، يناضلون ضد نظام بوتين ويطرحون منظوراً ماركسياً حول غزو أوكرانيا.
الشباب والحماس
ما كان ملفتاً للنظر بشكل واضح في مناقشات نهاية الأسبوع هو عدد الوجوه الجديدة التي شاركت في المؤتمر.
هذا دليل على النمو القوي للمنظمة في السنوات الأخيرة: نتاج عمل دؤوب بين الشباب على أساس ثابت للنظرية الماركسية.
لم يكن هذا النمو كمياً فحسب، بل كان نوعياً أيضاً. ودلل على ذلك وضوح الأفكار التي تم تقديمها في المؤتمر وعمقها، حيث أظهر الرفاق فهماً مثيراً للإعجاب للنظرية الماركسية، وتطبيقها على السيرورات و النضالات الجارية اليوم.
على سبيل المثال، تحدث الرفاق من الجامعات والكليات بثقة – وكثير منهم لأول مرة – عن تجاربهم خلال العام الماضي، مما يبرز المزاج الراديكالي بين الشباب.
كثيراً ما يُلاحظ أن الشباب هم المستقبل. هذا هو السبب في أن الأفكار الماركسية تستقطب هذه الشرائح أكثر، لأن هذه الأفكار فقط هي التي يمكنها فهم العالم وتقديم حلول واضحة للأجيال الأصغر سناً.
كانت التقارير الواردة من الرفاق في مدينة ليدز مصدر إلهام بشكل خاص، والذين – من خلال بناء علاقات مع العمال في فروع الجامعات المحلية في “UCU” و “Unison” – قادوا مسيرة لأكثر من 1.000 عامل وطالب عبر وسط المدينة خلال الإضراب الأخير لـ “NUS”.
وبالمثل، تحدثت الرفيقة ليلى بولبي، وهي واحدة من اثنين من ممثلي الأعضاء الشباب في “Unison NEC”، عن الهجوم على رئيس النقابة بول هولمز من قبل البيروقراطية اليمينية للنقابات، وذكرت كيف وجدت الأفكار والمطالب الماركسية صدى بين قواعد النقابة.
الإلهام والتضحية
ربما كانت أكثر جلسات المؤتمر إلهاماً هي الجلسة المالية.
ويشهد على هذا المبلغ الذي تم جمعه، بشكل لا يُصدق وصلنا إلى 77.000 جنيه إسترليني بفضل إبداع وتضحيات الرفاق، بما في ذلك العديد من الطلاب والعمال الشباب.
سيمكننا هذا من قطع شوط طويل نحو بناء قوى الماركسية – خاصة نحو هدف شراء مكتبنا الخاص، من أجل تسهيل النمو المستمر للمنظمة، في بريطانيا وعلى الصعيد الأممي.
يوضح هذا الموقف الجاد من التمويل الثوري التزام الرفاق وتفانيهم – النابع من فهم سياسي واضح للمهام التاريخية التي تنتظرنا.
تم عرض إبداعات الرفاق في القاعة، حيث تم إنتاج القمصان والملصقات والجوارب (من بين أشياء أخرى) من أجل جمع الأموال، وأيضاً في مزاد فني أقيم في ليلة السبت الاجتماعية.
شهدت الجلسة الاجتماعية أيضاً عروضاً موسيقية مسلية من الرفاق، بما في ذلك نسخة حديثة من كلاسيكيات “Phil Ochs”، أغنية “أحبني، أنا ليبرالي”، تم تحديثها لتعكس الهستيريا المحيطة بالحرب في أوكرانيا.
تفاؤل ثوري
يخيم شعور بالضيق والتشاؤم على معظم اليسار في الفترة الحالية. بدون أي منظور، وبدون قدرة على رؤية مخرج، يشعر العديد من النشطاء باليأس في مواجهة الأزمة الرأسمالية والحروب والأوبئة وكارثة المناخ والقمع.
لكن ما كان واضحاً منذ بداية هذا المؤتمر هو أن المزاج السائد بين الماركسيين هو عكس ذلك تماماً.
تفاؤلنا لا ينبع من السذاجة، ولكن من قوة الأفكار الماركسية التي توفر فهماً علمياً للمجتمع: كيف تعمل الرأسمالية، وكيف يتطور الوعي.
وفوق كل شيء، يمنحنا هذا الفهم إيماناً لا يتزعزع بالقدرة الثورية للطبقة العاملة على تغيير المجتمع.
بينما نحتفل بالثلاثين سنة الماضية للمنظمة، تتجه أنظار الرفاق بحزم إلى المستقبل – وخاصة على الشرائح الجديدة من العمال والشباب الذين ينجذبون إلى النضال على أساس الأحداث.
فقط الأفكار الماركسية هي التي يمكنها أن تفسر الأزمات التي تدور حولنا، الأهوال التي عصفت بالمجتمع في ظل الرأسمالية. والأهم من ذلك، الحل: التحول الاشتراكي للمجتمع.
وكما ورد في المؤتمر، فإن الكلمة الأخيرة يمكن أن تذهب إلى لينين:
«نحن حزب المستقبل والمستقبل للشباب. نحن حزب من المبدعين، والشباب دائماً هم من يتابعون المبدعين بشغف. نحن حزب يخوض كفاحاً مضحياً بنفسه ضد التعفن القديم، والشباب دائماً هو أول من يخوض كفاحاً للتضحية بالنفس. سنكون دائماً حزباً من شباب الطبقة المتقدمة!»
النداء الإشتراكي
22 مارس/آذار 2022
ترجم عن النص الأصلي:
British Marxists at milestone conference: “the future belongs to us!”