كشفت مظاهرة يومي 02 و03 يوليوز أشياء كثيرة. لقد كشفت أن القادة الإصلاحيين فقدوا بشكل حاسم قاعدتهم في بتروغراد، لكنها كشفت أيضا أن بتروغراد، وكما سبق للبلاشفة أن أكدوا، ليست روسيا، وأن المناشفة والاشتراكيين الثوريين ما زالوا يمتلكون احتياطيات ضخمة من الدعم بين العمال والفلاحين في الأقاليم. بل وحتى في بتروغراد لم يكن الجنود على مزاج واحد. فعلى الرغم من أن غالبية الجنود، وخاصة البحارة، كانوا إلى جانب البلاشفة في ذلك الوقت، فإن بعض الوحدات بقيت سلبية أو أنها لم تحدد موقفها. ومع ذلك فإنه لم تكن في بتروغراد أي حامية عسكرية على استعداد للقتال دفاعا عن الحكومة المؤقتة أو حتى القادة السوفيات.
[Source]
لكن العمال والجنود لم يخرجوا سالمين بشكل كامل. إذ لا بد دائما من أداء ثمن الأخطاء. سقط مئات القتلى، لكن لو أن البلاشفة لم يضعوا أنفسهم في قيادة المظاهرة من أجل إعطاءها طابعا منظما وسلميا، لسالت وديان من الدماء، وعلاوة على ذلك كان تأثير الحزب على العمال الأكثر تقدما سيتحطم كليا. في بعض الأحيان يكون من الضروري الذهاب مع العمال حتى عندما يكونون مخطئين، لكي يتعلموا بتجربتهم الخاصة ويستخلصوا النتائج الضرورية. كانت تجربة أيام يوليوز مؤلمة، لكن العمال تعلموا أن يثقوا في تقديرات البلاشفة الذين حذروهم مسبقا مما سوف يحدث، ثم لم يتخلوا عنهم بل وقفوا إلى جانبهم.
في 02 يوليوز، ونتيجة للانقسام الذي حدث داخل الحكومة حول المسألة الأوكرانية، استقال ثلاثة وزراء من الكاديت، تلاهم في وقت لاحق بيريفيرزيف، وفي 07 يوليوز استقال رئيس الوزراء الأمير لفوف. اتفق الوزراء المتبقون في الحكومة على تعيين كيرينسكي وعهدوا إليه بتشكيل حكومة جديدة – الائتلاف الثاني. لقد أدى الهجوم على اليسار إلى تقوية المعسكر المعادي للثورة الذي بدأ يشعر بأنه يمتلك المبادرة. وبعد قمع الحركة في بتروغراد، شعر البرجوازيون أن الوقت قد حان لـ”استعادة النظام”. طالب حزب الكاديت الوزراءَ الاشتراكيين بقطع علاقاتهم مع السوفييتات، وضرورة سحق الجناح اليساري، في شخص البلاشفة. يقدم أورلاندو فيغز صورة عن مزاج الهستيريا المعادية للبلاشفة الذي كان موجودا في ذلك الوقت، حيث يقول:
«بحلول صباح يوم 05 يوليوز استولت على العاصمة هستيريا مناهضة للبلاشفة. شرعت الصحف اليمينية الصفراء بالنباح طلبا للدم البلشفي، وصارت تُحَمِّل “العملاء الألمان” المسؤولية في الهزائم التي كانت تحدث في الجبهة. كما اتهمت البلاشفة بأنهم خططوا للانتفاضة لكي تتزامن مع التقدم الألماني. وقد أقر الجنرال بولوفتسوف، الذي كان مسؤولا عن عمليات القمع لأنه كان رئيس الدائرة العسكرية ببتروغراد، بأن الهجوم على البلاشفة تضمن “نزعة قوية من معاداة السامية”؛ لكن وبالطريقة المعتادة التي يبرر بها أمثاله من الروس المذابح ضد اليهود قال إن: “اليهود يتحملون المسؤولية، لأن النسبة المائوية لليهود بين القادة البلاشفة كانت أقرب من مائة في المائة. وقد كان الجنود منزعجين من رؤية أن اليهود يتحكمون في كل شيء، والملاحظات التي سمعتها في الثكنات أظهرت بوضوح ما كان الجنود يفكرون فيه”.»[1]
في اليوم الذي تلا المظاهرات شنت الصحافة حملة هستيرية على لينين و”العملاء الألمان”، في حين أن الاشتراكيين الثوريين والمناشفة، الذين كانوا يعرفون أن تلك مجرد أكاذيب، التزموا الصمت بجبن. لكن تواطؤهم مع الثورة المضادة لم ينته عند هذا الحد، فقد دعا المناشفة والاشتراكيون الثوريون لينين والقادة البلاشفة الآخرين إلى “تسليم أنفسهم إلى العدالة”. كانت تلك بمثابة دعوة مفتوحة لهم لكي يضعوا رقابهم تحت مقصلة الجلاد. كان الرجعيون آنذاك يطالبون بالدم.
في 06 يوليوز، أصدرت الحكومة أمرا بالقبض على لينين وكامينيف وزينوفييف. بعض الكتاب (ومن بين أحدثهم نجد أورلاندو فيغز) يحاولون اتهام لينين بالجبن. هذا هراء. تظهر التقارير أن لينين كان قد قرر تسليم نفسه، لكنه تراجع عن ذلك بعد النقاش مع بقية قادة الحزب الآخرين. في اليوم التالي لإصدار أمر الاعتقال، وعلى إثر مداهمة الشرطة لبيت شقيقته، كتب لينين مذكرة موجهة إلى اللجنة التنفيذية المركزية للسوفييت، يطلب منها فتح تحقيق وعرض عليها تقديم نفسه للسلطات، شريطة أن تقر السلطة التنفيذية للسوفييت اعتقاله، إذ قال:
«الآن فقط، في الساعة 15:15، من يوم 07 يوليوز، علمت أنه قد جرت عملية تفتيش في شقتي الليلة الماضية، على الرغم من احتجاجات زوجتي، وذلك على أيدي رجال مسلحين ودون أن يقدموا أي أمر بالتفتيش. إني أسجل احتجاجي على هذا وأطلب من مكتب السوفييت ومن لجنته التنفيذية التحقيق في هذا الانتهاك الصارخ للقانون.
وفي الوقت نفسه أعتقد أنه من واجبي أن أؤكد رسميا وخطيا ما لا يمكن لأي عضو من أعضاء اللجنة التنفيذية المركزية أن يشك فيه، وذلك أنه في حالة إصدار الحكومة أمرا بالقبض علي، وكان ذلك القرار مدعوما من طرف اللجنة التنفيذية للسوفييت، فإني سأقدم نفسي لاعتقالي في المكان الذي تحدده لي اللجنة التنفيذية المركزية.
فلاديمير إيليتش أوليانوف (ن. لينين) ، عضو اللجنة التنفيذية المركزية للسوفييت»[2].
وفي مذكراتها عن لينين تشير كروبسكايا إلى أنه:
«جادل بضرورة المثول أمام المحكمة. احتجت ماريا إليشنا [أخت لينين] بحرارة ضد ذلك. قال لي إيليتش: “لقد قررنا غريغوري [زينوفييف] وأنا الظهور، اذهبي وأخبري كامينيف”. كان كامينيف يقيم في شقة أخرى ليست بعيدة. نهضتُ على عجل. فضمني إيليتش وقال لي: “فلنقل وداعا، إذ قد لا نرى بعضنا مرة أخرى”.»[3]
حاول أعضاء اللجنة المركزية إقناع لينين بأن ذلك غير وارد. وما جعل لينين يغير رأيه أخيرا هو قرار اللجنة التنفيذية السوفيتية إلغاء تحقيقها في أحداث يوليوز. عندما ذهب أوردجونيكيدزه ونوغين إلى قصر تورايد يحملان رسالة لينين وللتفاوض بشأن شروط اعتقاله، رفض ممثل السوفييت تقديم أي تأكيدات لهما، واكتفى بوعدهما بأنه “سيعمل ما في وسعه”. ووفقا لأوردجونيكيدزه، فحتى المعتدل نوغين “كان غير مرتاح لمصير لينين لو أنه سلم نفسه”[4]. كان قد أصبح من الواضح آنذاك أن السوفييت لم يعد له أي نفوذ على الحكومة وأن القضاء، الذي كان ما زال تحت سيطرة العناصر القيصرية، سيكون بمثابة خادم مطيع للثورة المضادة. وقد أوضح لينين ذلك في خطاب كتبه للنشر، حيث قال:
«لقد غيرنا رأينا بشأن تسليم أنفسنا للحكومة لأنه… من الواضح أن تهمة التجسس ضد لينين وغيره قد تم اختلاقها من طرف قوى الثورة المضادة بشكل متعمد… في هذا الوقت لا يمكن أن تكون هناك أي ضمانة بمحاكمة عادلة. شكلت اللجنة التنفيذية المركزية… لجنة للتحقيق في تهم التجسس لكن هذه اللجنة تم حلها تحت ضغط قوى الثورة المضادة… إن تسليم أنفسنا إلى السلطات الآن سيكون بمثابة وضع أنفسنا في أيدي الميلوكوفيين والأليكسينسكيين والبيريفيرزيفيين، أي في أيدي أشرس أعداء الثورة والذين ليست الاتهامات الموجهة ضدنا بالنسبة لهم سوى حلقة في الحرب الأهلية»[5].
في النهاية تمكن قادة الحزب من إقناع لينين بالاختباء. كان ذلك هو الموقف الصحيح بلا شك. كان لينين أكثر فائدة للثورة وهو على قيد الحياة مما لو قتل أو اعتقل. صحيح أن قسما من الحزب كان يؤيد ذهاب لينين إلى المحاكمة، حيث يقوم بالدفاع عن نفسه ضد التهم التي لفقت له، كما كان تروتسكي قد فعل في عام 1906. لكن تلك الفكرة كانت جنونية. وفي وقت لاحق، خلصت أغلبية مؤتمر الحزب السادس، الذي اجتمع في بتروغراد في نهاية يوليوز، إلى القرار الصحيح وقررت أن لينين لن يصل أبدا إلى قاعة المحكمة، إذ كانت قوات الثورة المضادة ستغتاله برصاصة قاتلة، “أثناء محاولة فرار”. وحتى لو كان ذلك مجرد احتمال، فإنه لم يكن للحزب أن يخاطر بحياة لينين بتلك الطريقة.
لا شك في أن حياة لينين كانت في خطر في تلك اللحظة. كانت الثورة المضادة قد انتقلت إلى الهجوم. في سوفييت بتروغراد قال أحد النواب المناشفة: «إن المواطنين الذين يبدو عليهم أنهم عمال أو يشتبه في كونهم من البلاشفة هم معرضون بشكل دائم لخطر الضرب». وأضاف آخر إن «أشخاصا أذكياء للغاية يقومون بالتحريض على أفعال معادية للسامية»[6]. تعرضت العديد من مقرات الحزب البلشفي للمداهمة والتحطيم. حدث ذلك لمطبعة ترود، التي كانت تطبع الكثير من الأدبيات لصالح النقابات والبلاشفة. وتعرض إيفان فوينوف، البلشفي البالغ من العمر 23 عاما، للاعتقال أثناء توزيعه لجريدة ليستوك برافدي (المنشور البرافدي، الذي هو أحد الأسماء العديدة التي اضطرت جريدة الحزب لاستعمالها من أجل مراوغة الحظر). وأثناء “استجوابه”، تعرض السجين للضرب على رأسه بعنف، مما أدى إلى مقتله على الفور. وبالنظر إلى ذلك الجو المسموم بالهستيريا والاتهامات الموجهة ضد لينين شخصيا بأنه “عميل ألماني”، فقد كان من الجريمة تقديمه لعناية “القانون” الحنونة بينما الثورة المضادة في أوجها.
بعد ذلك بعامين، وأثناء انتفاضة سبارتاكوس في برلين -وهي حركة تشبه بشكل لافت للنظر أيام يوليوز- فشلت روزا لوكسمبورغ وكارل ليبكنخت في اتخاذ الاحتياطات اللازمة فتم اعتقالهما من قبل ضباط معادين للثورة. لم يتصورا أنهما سيقتلان بدم بارد، لكن هذا بالضبط ما حدث لهما. لقد كان لمقتل اثنين من أبرز قادة الطبقة العاملة الألمانية تأثير كارثي على كل الثورة الألمانية وتاريخ العالم. نعم لقد أظهرا شجاعة شخصية، لكن يا له من ثمن فظيع ذلك الذي تم تقديمه مقابل هذا العمل الخاطئ! لو أنهما كانا قد تحولا إلى السرية، كما فعل لينين، لكان مستقبل الثورة الألمانية سيكون في أيد أمينة، لكنها بدلا من ذلك تعرضت للإجهاض. لم تكن الطبقة العاملة الألمانية وحدها هي من دفعت ثمن تلك الكارثة، بل العالم بأسره دفع الثمن مع صعود هتلر وكل أهوال الفاشية والحرب التي تلت ذلك. يجب أن يتم اتخاذ كل هذه الاعتبارات بالحسبان قبل التفكير في الكلام التافه عن “الشجاعة الشخصية” وما إلى ذلك.
قادة المناشفة والاشتراكيين الثوريين، الذين طالبهم لينين بضمانات بشأن اعتقاله، لعبوا دورا مثيرا للاشمئزاز. حيث اقترح دان إصدار قرار، أيدته غالبية الأحزاب الإصلاحية في السوفييتات، يتهم البلاشفة بارتكاب جرائم ضد الشعب والثورة، ووصف تهرب لينين من الاعتقال بأنه “غير مقبول”. وهو نفس الدور الذي لعبه الزعيمان الاشتراكيان الديموقراطيان الألمانيان نوسك وشيدمان، عام 1919، كشريكين لهيئة الأركان العامة والقوات شبه العسكرية في مقتل ليبكنخت ولوكسمبورغ. كما طالبوا البلاشفة بإدانة سلوك لينين، وقرروا تعليق عضوية اللجنة التنفيذية للسوفييت لجميع الأشخاص الخاضعين للتحقيق. وقد احتج نوغين قائلا:
«يُطـْـلب منكم تبني قرار بشأن البلاشفة قبل محاكمتهم. يطلب منكم أن تضعوا خارج القانون قادة الفصيل الذي شارك في الثورة معكم»[7].
لكن الجناح اليميني داخل السوفييت لم يكن مهتما باحتجاجات نوغين، فتمت المصادقة على قرار دان بأغلبية ساحقة. وفي القاعة كانت الهجمات على البلاشفة أكثر حقدا.
الآن وبعد أن ازدادت شهية أعداء الثورة، بدأوا ينفثون غضبهم ضد الحركة العمالية بشكل عام، ولا يهتمون بالتمييز بين يسارها ويمينها. وفي اجتماع للّجنة المؤقتة لمجلس الدوما، يوم 05 يوليوز، قام نواب مجلس الدوما اليمينيين من أمثال أ. م. ماسلينيكوف وفلاديمير بوريشكيفيتش (المعروف بدوره في اغتيال راسبوتين) بشن حملة ضد قادة السوفييتات المعتدلين، الذين وصفوهم بأنهم “حالمون”، و”مجانين يصورون أنفسهم على أنهم دعاة سلام” ، و”الوصوليين الصغار” ، و”مجموعة من المتعصبين، الغرباء [أي اليهود]، والخونة”. كما طالب ماسلينيكوف بإعادة السلطة لمجلس الدوما وبأن تكون الحكومة مسؤولة أمامه وحده. كان ذلك طلبا بتصفية ازدواجية السلطة، وبأن تتوقف السوفييتات عن لعب أي دور. بل ذهب بوريشكيفيتش أبعد من ذلك، حيث عبر صراحة عن النوايا الحقيقية للثورة المضادة قائلا:
«لو أنه تمت تصفية ألف أو ألفين أو خمسة آلاف من الأوغاد في الجبهة، وبضعة عشرات من الأوغاد في الداخل، لما كنا لنعاني من هذا الخزي غير المسبوق»[8].
كما طالب بإعادة تطبيق عقوبة الإعدام، ليس في الجبهة فقط، بل وفي الداخل أيضا. وقد تصاعدت الأصوات المطالبة بهذا الإجراء بشكل سريع خلال الأسابيع التي تلت هزيمة يوليوز. كان معنى ذلك واضحا، حيث كانت البرجوازية تسعى جاهدة لإعادة “النظام” -أي استعادة سيطرتها على المجتمع والدولة التي هي، في أخر المطاف، كما أوضح لينين، هيئة من الأشخاص المسلحين-. كانت إعادة فرض الانضباط داخل صفوف الجيش باستعمال أكثر الوسائل وحشية، بما في ذلك عقوبة الإعدام، هي الشرط المسبق لتصفية ازدواجية السلطة وإعادة بناء الدولة القديمة. وكان ذلك يعني بناء نظام ديكتاتوري، كما أثبتت الأحداث اللاحقة.
غيرت هزيمة يوليوز موازين القوى الطبقية. ومع كل خطوة كانت تخطوها الثورة إلى الوراء، كانت الثورة المضادة تصير أكثر فأكثر جرأة. كما أن مزاج العمال والجنود في العاصمة كان يصير أكثر فأكثر تشاؤما. كانوا قد تعلموا درسا قاسيا. كانت الأقاليم الأخرى تقف ضدهم. وكان الشعور بالعزلة والعجز يسيطر على العاصمة. اضطر العمال إلى طأطأة رؤوسهم وانتظار الفرصة التالية. وفي خضم كرنفال الردة الرجعية هذا، وعندما كان البلاشفة يتعرضون للمطاردة والاضطهاد من جميع الجهات، ارتفع صوت واحد جريء وواضح: صوت ليون تروتسكي، الذي أصدر رسالة مفتوحة إلى الحكومة المؤقتة، بتاريخ 10 (23) يوليوز 1917، كتب فيها:
«الوزراء المواطنون:
لقد علمت أنه في علاقة مع أحداث 16-17 يوليوز، صدر أمر قضائي بالقبض على لينين وزينوفييف وكامينيف، لكن ليس علي. وأود، بالتالي، أن ألفت انتباهكم إلى ما يلي:
1- أنا أتفق مع الأطروحات الرئيسية للينين وزينوفييف وكامينيف، ودعوت لها في جريدة “فبريود” وفي خطاباتي العامة.
2- كان موقفي تجاه أحداث 16-17 يوليوز نفس موقفهم.
أ) لم نعلم، كامينيف وزينوفييف وأنا، بالخطط المقترحة لفرقة سلاح المدفعية وغيرها من الفرق إلا خلال الاجتماع المشترك للمكاتب [اللجان التنفيذية] في 16 يوليوز. وقد اتخذنا خطوات فورية لمنع الجنود من الخروج. أبلغ زينوفييف وكامينيف البلاشفة، وأبلغت أنا تنظيم ما بين الجهات [أي مجموعة ميزرايونتسي] الذي أنتمي إليه.
ب) لكن عندما خرجت المظاهرات، على الرغم من الجهود التي بذلناها، ألقينا، رفاقي البلاشفة وأنا، العديد من الخطب أمام قصر تورايد، والتي دافعنا خلالها عن الشعار الرئيسي للجماهير: “كل السلطة للسوفييتات”، لكننا، في الوقت نفسه، دعونا هؤلاء المتظاهرين، سواء منهم الجنود أو المدنيين، إلى العودة إلى ديارهم وثكناتهم بطريقة سلمية ومنظمة.
ج) وفي كونفرانس انعقد في قصر تورايد، في وقت متأخر من ليلة 16-17 يوليوز، بين بعض البلاشفة ومنظمات الأحياء، دعمت فكرة كامينيف بأنه ينبغي القيام بكل شيء لمنع تكرار التظاهر يوم 17 يوليوز. لكن عندما علمنا من المحرضين، الذين وصلوا من مختلف الأحياء، أن الفيالق وعمال المصانع قد قرروا بالفعل أن يخرجوا، وأنه كان من المستحيل منع الحشود من الخروج حتى انتهاء الأزمة الحكومية، اتفق جميع الحاضرين على أن أفضل شيء يفعلونه هو توجيه المظاهرة في مسارات سلمية، ويطلبون من الجماهير ترك أسلحتهم في المنزل.
د) خلال يوم 17 يوليوز، والذي قضيته في قصر تورايد، قمنا، أنا والرفاق البلاشفة، أكثر من مرة بحث الجماهير في هذا الاتجاه.
3- واقع أنني لست مرتبطا بـ “برافدا” ولست عضوا في الحزب البلشفي لا يعود إلى وجود خلافات سياسية بيننا، بل لظروف معينة في تاريخ حزبنا فقدت الآن كل معنى.
4- محاولة الصحف خلق الانطباع بأنني “لا علاقة لي” بالبلاشفة لا تملك من الحقيقة إلا ما يملكه ذلك التقرير الذي يزعم أنني طلبت من السلطات حمايتي من “عنف الغوغاء”، ومئات الشائعات الكاذبة الأخرى التي تنشرها تلك الصحافة نفسها.
5- بناء على كل ما قلته، من الواضح أنه لا يمكنكم منطقيا استبعادي من أمر القبض الذي أصدرتموه على لينين وكامينيف وزينوفييف. ولا يمكن أيضا أن يخامر أذهانكم أي شك في أني معارض سياسي عنيد مثل هؤلاء الرفاق المذكورين أعلاه. إن تركي في الخارج يؤكد فقط على الطغيان المعادي للثورة الذي يكمن وراء الهجوم على لينين وزينوفييف وكامينيف»[9].
وبالتالي وجدت السلطات نفسها ملزمة باعتقاله، فاعتقلته وسجنته في قلعة كريستي.
آلان وودز
ترجمة: هيئة تحرير موقع ماركسي
هوامش:
[1] O. Figes, A People’s Tragedy: The Russian Revolution 1891-1924, p. 433.
[2] LCW, To the Bureau of the Central Executive Committee, vol. 43, p. 636.
[3] N.K. Krupskaya, Reminiscences of Lenin, p. 366.
[4] A. Rabinowitch, The Bolsheviks Come to Power, p. 34
[5] A. Rabinowitch, The Bolsheviks Come to Power, p. 34
[6] Ibid., p. 43.
[7] Ibid., p. 36.
[8] Ibid., p. 45.
[9] The Age of Permanent Revolution, pp. 98-99 (التشديد من عندي: آ. و)